القانون الأول /
العلم
الراحة المالية تأتي بعد توفيق الله تعالى بالعلم وحسن تطبيقه
وليس بالتعب والشقاء
صحيح بأن الجهد مطلوب وضروري للحصول على أي نجاح
ولكن ليس بالتعب والشقاء كما يتصوره الكثير
بل باتباع الطرق السليمة والقوانين الصحيحة للوصول للمطلوب
قال تعالى: طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى إِلَّا
تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى [طه:1-3]
وقد فسر العلماء هذه الآية
بأن الله سبحانه ما أنزل القرآن ليشقى الرسول ﷺ ويتعب،
ولكن أنزله تذكرة، للتذكرة والعمل والاستفادة، الله أنزل
كتابه العظيم تذكرةً للمؤمنين، ولنبيه ﷺ؛ حتى يعملوا به
ويستقيموا عليه، وفيه الراحة والطمأنينة، وفيه السعادة
العاجلة والآجلة، وليس فيه الشقاء بل فيه الراحة
والطمأنينة
وفيه التقرب إلى الله، والأنس بمناجاته وذكره ،
وليس منزلًا ليشقى به النبي ﷺ أو العبد لا، بل ليستريح
به وليتنعم به وليستفيد منه وليعمل به، وليفوز بالجنة
والسعادة بعمله به واستقامته عليه.
القانون الثاني /
أن تسأل أهل الخبرة في كل مجال تريد النجاح فيه
وأن تعمل بالوسائل الصحيحة التي عمل بها الذين وصلوا إلى هذا النجاح
من هم أصحاب الخبرة ؟
1- كل شخص وصل إلى النجاح الذي أنت تسعى لتحقيقه والنتيجة التي تتطلع للوصل إليها ؛
فلا تسأل عن ما تريد الناس المقربين إليك من غير أهل الخبرة كالأصدقاء والأقارب إلا إذا هم بالفعل أصحاب خبرة ووصلوا إلى نفس ما تطمح أنت للوصول إليه
وهذا هو الخطأ الشائع لدى أغلب الناس فمثلاً إذا أراد فتح مشروع معين يذهب إلى أصدقاؤه ومعارفه وبعض الأقارب ويستشيرهم وكل واحد منهم يعطيه رأي مختلف وتوقعات مبنية على آرائهم وتفكيرهم فيقع في ضياع الطريق قبل بدايته
والصواب هو أن لا تسأل أي شخص عن شيء تريد العمل فيه إلا أصحاب الخبرة الفاهمين في نفس المجال ،
ماهي الشروط التي يجب توفرها في صاحب الخبرة قبل أن أستشيره !؟
وهنا ننبه على ثلاثة شروط مهم توفرها في الشخص صاحب الخبرة
1- الشرط الأول
أن يكون الشخص المستشار بالفعل يمارس العمل الذي أنت تطمح له وقد وصل بالفعل للنجاح فيه لأنك إذا استشرت شخص لديه معلومات نظرية ولم يطبق فأيضاً لن يفيدك لأنه قد يعطيك معلومات نظرية خاطئة ونظريات غير مطبقة على أرض الواقع وعند بدايتك في التطبيق ستكتشف عوائق كثيرة لم تكن في الحسبان .
2- الشرط الثاني
يجب أن يكون صاحب الخبرة الذي وصل للنجاح الذي أنت تريده بالفعل لديه الرغبة في اعطائك المعلومات المطلوبة
لأنه ليس من المفيد إطلاقاً أن تستشير صاحب خبرة وليس لديه الرغبة في تعليمك وإعطائك المعلومات الشافية والكافية في نفس المجال
وهذه مهمة جداً بأن تأخذ من صاحب الخبرة التفاصيل الكاملة وليس مجرد معلومات عامة
3- الشرط الثالث
أن يكون هذا الشخص الخبير في مجاله قادر على توصيل المعلومات لك بالشكل الصحيح وبطريقة واضحة جداً وسلسة وبينة بدون أي غموض
وأن يقدمها لك بتسلسل وترتيب يسهل عليك فهمه وتطبيقه
هذه هي الشروط الثلاثة لصاحب الخبرة الذي فعلاً تستطيع أن تستشيره وتستفيد منه
وتذكر أخي بأن المعلومات بدون عمل متقن لا يؤدي إلى النجاح
كما أن العمل الجاد بدون معلومات دقيقة في نفس المجال لا يؤدي إلى النجاح المطلوب
القانون الثالث /
إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11]
قال أهل العلم : الآية الكريمة آية عظيمة تدل على أن الله تبارك وتعالى بكمال عدله وكمال حكمته لا يُغير ما بقوم من خير إلى شر، ومن شر إلى خير، ومن رخاء إلى شدة، ومن شدة إلى رخاء،
حتى يغيروا ما بأنفسهم ؛
وهنا نتطرق إلى ما يخص موضوعنا في قوانين الراحة المالية
فلن يتغير واقعك الذي تعيشه حتى تغير أفكارك وطريقة تفكيرك الخاطئة تجاه المال من قناعات وأفكار وقصص مغلوطة نشأت وتكونت لدى كثير من الناس في مرحلة حياتهم لفترة طويلة
فكل تصرفاتك وأعمالك وردود أفعالك هي مبنية على ما تكون ونشأ بداخلك منذ ولدت إلى الآن
فهذا القانون في الحياة بشكل عام هو من أهم القوانين
فمن المستحيل أن يتغير واقعك وهو مافي الخارج قبل أن تستعين بالله وتغير مافي داخلك
ومن أمثلة ذلك
اعتقاد كثير من الناس بأن المال ليس سوى وصخ دنيا وأنه لأصحاب الشخصيات الجشعة
وتغيير ذلك أن تعرف بأن المال هو من أعظم نعم الله وأنه عصب الحياة وأنه قد يكون سبب لدخولك الجنة إذا اكتسبته و أنفقته في حدود مايرضي الله
وأنك قد تكون ثريا ً ورعاً و زاهداً
فالثري الغني الذي يترك ماله وعمله وصفقاته ويتوضأ في وقت الصلاة ويتجه إلى المسجد فهذا زاهد حتى ولو امتلك الملايين
والذي يترك الربا والتعاملات التجارية المحرمة والصفقات المشبوهة فهذا ورع وتقي حتى لو امتلك المليارات
وهكذا فقس من الأفكار الخاطئة الكثيرة التي في نفسك وهي السبب الرئيسي لبعدك عن الحرية المالية حتى وإن سعيت لها بجهدك إذا كانت هذه الأفكار والاعتقادات تسيطر عليك من الداخل فمن المستحيل أن تنجح مالياً
وللتوضيح أكثر أيها المبارك أعطيك مثال المرآة
فلن يتغير شيء تشاهده في المرآة إلَّا إذا غيرت أنت شيء
فلن تنظر نفسك في المرآة تتحرك مالم تتحرك بالفعل
فهذا مثال لما في داخل نفسك وخارجها
لن تتغير تصرفاتك بدون تغير أفكارك وقناعاتك الداخلية
مثال توضيحي آخر
مثال الأجهزة الإلكترونية ولنقل مثلا اللابتوب أو الهاتف الجوال هو يعمل بحكم البرنامج المحمل في داخله فإذا غيرت البرنامج أو حدثته تغير الأداء الخارجي
وهكذا الأمثلة لهذا القانون المهم لا تنتهي
وأعتقد بأن الفكرة وصلت وأنك فهمت الموضوع إن شـاء الله فغير دائماً قناعاتك وأفكارك إلى الصواب
ونبدأ الآن في القوانين الأشمل والأعم
فما تم ذكره سابقاً من قوانين ثلاثة هي قوانين الراحة المالية
وسنواصل بذكر قوانين الرزق بشكله الأشمل والأوسع والأعم
فالرزق ليس مجرد المال بل هو كل نعمة أنعمها الله عليك من الصحة والأولاد والأمان والقبول عند الناس والراحة النفسية وغيرها من أرزاق لا تعد ولا تحصى
فنقول
القانون الرابع /
وهو الأول في قيمته وهو تقوى الله سبحانه وتعالى :
(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا
يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)
سورة الطلاق 2-3
فتقوى الله والتوكل عليه سبحانه وتعالى هي أهم قوانين الحصول على الرزق بمفهومه الشامل والكامل
القانون الخامس /
التبكير إلى المسجد للصلاة وحضور الجماعات
قال تعالى :
{ وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى ( ١٣٢ ) } [سورة طه]
فتجد أن الله سبحانه وتعالى قرن الصلاة بالرزق وهذه تحتاج منك أخي المبارك إلى تفكر عميق فكلما بكرت إلى المسجد كلما فتح الله لك من أبواب الرزق مالا يخطر بك في بال
القانون السادس /
الشكر
قال الله تعالى : (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )) إبراهيم 7
فالشكر لله سبحانه وتعالى هو قانون من قوانين الدوام والزيادة والبركة في الرزق
شكر النعمة حصن لها وبالشكر تدوم النعم
القانون السابع /
بر الوالدين
سواءً كانوا أحياء أو اموات
والقصص في هذا كثيرة لا تحصى عن الذين بروا بوالديهم فرزقهم الله صلاح الذرية والبركة في الأرزاق والصحة
القانون الثامن /
صلة الرحم
روى البخاري (2067) ومسلم (2557) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ
فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ )
قال أهل العلم :
البسط في الرزق كثرته ونماؤه وسعته وبركته وزيادته
زيادة حقيقية
وهذا قانون معروف وثابت والقصص فيه كثيرة لا تحصى عن أناس كثر وصلوا أرحامهم فبارك الله لهم وبسط لهم في الصحة والمال والبركة وصلاح الذرية
القانون التاسع /
هو الاستغفار
قال تعالى :
{ ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء
عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين ( ٥٢ ) } [سورة هود]
وقال تعالى :
{ فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا ( ١٠ ) } { يرسل السماء عليكم مدرارا ( ١١ ) } { ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ( ١٢ ) }
[سورة نوح]
فمادمت معترفا ً بذنبك ومستغفراً لربك وتائب من الذنوب فأنت في خير عظيم وسعة من الله
القانون العاشر /
الصدقة
قال تعالى :
{ من ذا الذي يُقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون ( ٢٤٥ ) } [سورة البقرة]
ومن باب الصدقات التي قد تخفى
هي أن أي خدمة تقدمها لانسان محتاج لها مهما كانت
ومهما كان فهي صدقة
وأنواع الصدقات كثير فتفريج الكربات صدقة وإماطة
الأذى عن الطريق صدقة وكف أذاك ولسانك عن أذى
الناس صدقة
ومنها النفقة على الزوجة والعيال والتوسيع عليهم
ونذكر هنا حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال الله تعالى في الحديث القدسي: أنفِقْ يا ابن
آدم يُنفَقْ عليك[2]، متفق عليه، فهذه قاعدة مهمة ومؤكدة .
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والفلاح والنجاح في الدنيا ولآخرة
وقد ورد في فضل الصدقة أن الصدقة حياة، فهو تداوي المرضة كما ثبت عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم دَاوُوا مَرضاكُمْ بِالصَّدقةِ